المشاركات

عرض المشاركات من نوفمبر, ٢٠٢٢

برقياتٌ عشقيّة.. القصة الفائزة بجائزة مارون عبود بفرنسا

صورة
  المكان والزمان: المقعد الرابع، الصف الخامس الابتدائي. كانت قد شرعت معلمة اللغة العربية بشرح أنواع الرسائل وأركانها حتى وصلتْ النوع الثالث: “البرقية”، لم أستطع يومها كبح ملامح الصاعقة على وجهي: أن كيف تبعث أم الجندي أو محبوبته برقية تتكون من خمس كلمات أو أ قل خلال الحرب؟ كيف يمكن لهذه الأم أن تختزل مشاعر وحدتها واشتياقها وقلقها في هذا العدد من الكلمات فقط؟ كنت أظن وقتئذٍ أنَّنا خلال الحرب يجب أن نقول كل ما يعترك صدورنا دون استثناء، موظفين في سبيل ذلك كل ما ورد في معاجم العربية وما لم يرد، فهذه لحظةٌ أخيرة؛ تقولُ فيها أو لا تقول.. تلك هي المسألة. كبرتُ، وعرفتُ الحروب، حدث أن ركضتُ وجسدي مشبعٌ بالأدرينالين إثر انفجارٍ ما، استيقظتُ في ليالٍ عديدة خلال محاولة الطائرات تحويل الحياة إلى ردم.. حتى أنه ذات مرة باغتني الانفجار وأنا عاكفةٌ على دفتري أكتب، ركضتُ مفزوعةً، وعندما عدت إلى مكتبي وجدت الكلمة لا زالت في المنتصف.. لم أكملها؛ أبقيت الألف على اعوجاج استقامتها، تركتها دليلاً، توثيقاً خفياً لن يستطيع المحقق كونان –بعظم قدره-فك لغزه. الصف الخامس بالذات لا أنساه، لا لأن الأمهات ما فتئنَّ من