عن الطقس.. إلى حدٍّ ما! | سجى حمدان

 


لم أؤمن كثيرًا بكتابات الأدباء المتعلقة بالطقس، أظنها حيلة من لا يملك موضوعًا، أو من يريد تعبئة فراغ المشهد، لكن أستغرب أني اليوم قررت أن أكتب عن الطقس بشكل خاص، إذ إنّي أراه فعلًا شيئًا يستحق أن يُكتب له، وعليه، أظن أن معظمنا يحب هذا الطقس المختلط، لأنه يشبهنا إلى حد كبير: التقلبات العنيفة، الجمع بين المتضادات، والعشق المتجذر فينا للمنتصف، أو لنكن أكثر دقة: للرمادية وعدم وضوح ملامح المشهد.

يؤسفني أن أكتب هذا، لكنها الحقيقة التي باتت واضحة بالنسبة لي، بالنسبة لعدم حبي للشمس، بالنسبة لميولي للغيم والأمطار، والجو المظلم في أغلب الأحيان، فنحنُ نميل لما يشبهنا.

اليوم أمطرت عدة مرات، وأشمست عدة مرات أيضًا، فالصيف والشتاء في معركة وجود، معركة شبيهة بتلك التي تدور في صدورنا عند اختيار أحبِّ أشيائنا، وعند تفضيل شيء على شيء، لكن الطقس يخبرنا الجواب سريعًا، ويختصر الطريق الذي لا زلنا نحاول أن نطيله: أن في النهاية هنالك منتصر وحيد، سيدوم لفترة، وربما يزول بعد فترة، لكن ديمومة الأشياء مستحيلة، والجمع بينها أيضًا شبه مستحيل، ستظل تحاربُ إلى أجل، ثم سترسى سفنُك على اختيار واحد، لأن النفس لا تطيق احتمالين -على ما يبدو-، وأنا في معركة تحديد خياراتي، أصول وأجول وأنا أعرف النتيجة، لكني أريد أن أُعزي نفسي بعد بضع سنين، أني أعطيت كل الاحتمالات حقها دون تبخيس، وأني كنت محايدة إلى حدٍّ أقصى، حتى اختارت لي الحياة، ولم أختر أنا، لربما حينها يكون ضميري بنصاب مكتمل، فنحن نرتاح حين نتخلى عن المسؤولية، حتى في أكثر خياراتنا شخصيةً، نرتاح أنّ ظروفًا ما كانت، وقضت، وأنّ هذا القرار مهما أعقبه من نتائج إيجابية كانت أم سلبية، ليس قرارنا.. عملية معقدة، ربما لم أستطع شرحها هنا، وربما سأستطيع شرحها يومًا ما، حين تكتمل لدي مفردات الحياة، فإنّ وصف الأشياء عملية أكبرُ من عيشها، وتستغرق وقتًا أكثر حتى ترى النور، ليستطيع المُعايش الكتابة عنها.


الثلاثاء 

١٣/٦ /٢٠٢٣


تعليقات

  1. الطقس يشبهنا بتقلباته .. اليوم شعرت انني لست وحدي .. حينما اشرقت الشمس بعد المطر وحبت الريح بعدها شعرت بالانس

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

في حبِّ رمضان.. سجى حمدان

إشارةٌ حمراء| سجى سامي حمدان